مارسيليا ولقب بطعم الفضيحة: القصة الكاملة لنهائي 1993 الملوث

مع اقتراب نهائي دوري أبطال أوروبا 2024-2025 بين باريس سان جيرمان الفرنسي وإنتر ميلان الإيطالي، يعود إلى الأذهان أحد أكثر النهائيات إثارة للجدل في تاريخ البطولة، والذي لا يزال صداه يتردد بعد أكثر من ثلاثة عقود: نهائي موسم 1992-1993، حين توج أولمبيك مارسيليا الفرنسي باللقب الأوروبي الوحيد في سجل الأندية الفرنسية، ولكن بثمن أخلاقي باهظ.
مارسيليا يدخل التاريخ.. ثم يسقط سريعًا
في مايو 1993، حقق مارسيليا إنجازًا تاريخيًا بفوزه على ميلان الإيطالي بهدف دون رد، ليصبح أول نادٍ فرنسي يرفع كأس دوري أبطال أوروبا. لكن خلف ذلك التتويج البراق، كانت تطبخ واحدة من أخطر فضائح الكرة الأوروبية في الخفاء، عرفت لاحقا بـ”فضيحة فالنسيان”.
قبل أيام من النهائي القاري واجه مارسيليا فريق فالنسيان في الدوري الفرنسي، وكان يسعى لحسم الثنائية المحلية والقارية دون خسارة لاعبيه بالإصابة أو الإرهاق. هذا الطموح المشروع تحول إلى “خطيئة كبرى”، حين قام مسؤولون في النادي بمحاولة رشوة بعض لاعبي فالنسيان من أجل التراخي في اللقاء المحلي.
فضيحة الرشوة: اللاعب النزيه الذي فجر القنبلة
وفقًا للتحقيقات، عرض رئيس مارسيليا آنذاك، برنارد تابي، ومديره العام جان بيير بيرن، رشوة مالية على ثلاثة لاعبين من فالنسيان. وافق اثنان منهم، لكن اللاعب الثالث، جاك جلاسمان، رفض العرض وكشف عن الفضيحة لاحقًا، مقدمًا نموذجًا نادرًا للنزاهة في زمن كانت فيه كرة القدم لا تزال تتعامل مع الفساد بسرية مطلقة.
اعتُبر تصرف جلاسمان علامة فارقة في مسيرة محاربة الفساد الرياضي، لينال لاحقًا جائزة الفيفا للعب النظيف عام 1995، بينما بدأت فصول الانهيار المؤسف لنادٍ توج حديثًا بعرش القارة العجوز.
عواقب كارثية على مارسيليا
لم تمضِ شهور حتى داهمت الشرطة منازل المتورطين، وعثر على مبالغ مالية تؤكد صحة الادعاءات. وفي المحصلة، أُدين تابي وبيرن وسُجنا، بينما سحب من مارسيليا لقب الدوري الفرنسي، وهبط الفريق إلى الدرجة الثانية.
ورغم احتفاظه بلقب دوري الأبطال، إلا أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) حرم الفريق من المشاركة في النسخة التالية، وكذلك من خوض كأس السوبر الأوروبي وكأس الإنتركونتيننتال.
وبعد عامين، أعلن إفلاس النادي، ليستكمل سقوطًا دراميًا من القمة إلى القاع، ويدخل في نفق طويل للعودة إلى الواجهة.
شبهات المنشطات تزيد الطين بلة
كأن الفضيحة لم تكن كافية، حتى طفت على السطح مزاعم أخرى تتعلق باستخدام بعض لاعبي مارسيليا منشطات قبل نهائي ميلان. ورغم عدم فتح تحقيقات رسمية حينها، إلا أن هذه الادعاءات ساهمت في تلويث صورة الإنجاز الذي كان يفترض أن يكون مفخرة للكرة الفرنسية.
إرث مظلم يلاحق الكرة الفرنسية
مع كل نهائي أوروبي جديد، تعود “فضيحة فالنسيان” لتخيم على ذاكرة مشجعي كرة القدم، خاصة مع حقيقة أن ذلك اللقب لا يزال الوحيد الذي أحرزه نادٍ فرنسي في دوري الأبطال.
والسؤال الذي يطرح مرارا: هل كان مارسيليا ليستحق التتويج لولا هذه الطرق الملتوية؟ وهل يستطيع باريس سان جيرمان أن يمحو تلك الذكرى بتحقيق لقب “نظيف” يعيد الهيبة للكرة الفرنسية في المحافل الأوروبية؟
ربما تكون ليلة 31 مايو في ميونخ فرصة مثالية لفعل ذلك.